عنه وعنها أتحدث.. ماسر هذه الروح؟ []
كان كثيراً ما يدهشني أن يمسك أحدهم بزجاجة ماء في نهار شمس حارقة ويتجرعها سريعا ولا يرتوي ابدا فيعيد الكرة والكرة ويظل يشكو طول الطريق من القيظ والظمأ.. وآخر تراه وقد ضم شربة بين كفين ممدودين له فيرتوي ظمأ أيام طوال.. فكنت اساءل نفسي كثيراً أو ليس كله ماء؟؟ أو ليس كل الماء يروى العطش؟؟
.
وعندما كنت أرى شخصاً يتدثر بمعاطف ثقيلة.. ضخمة.. ولعلها باهظة الثمن ويشكو من أن صقيعاً يغزو جسده.. ويعاني من أن البرد يجمد أطرافه.. وألمح في نفس الطريق على الجهة المقابلة آخر يمر وقد اكتفي بكوفية من صوف يبدو عليها آثار خطوات الحياة.. فأراه يسدل طرف على صدره لتمس قلبه وطرف آخر يلتف على رقبته ليدفيء دمه.. يسير و قد ظهر على وجهه نعيم خفي وكأن البرد لا يعرف إليه مدخلاً.. فكنت أساءل نفسي أو ليست كل المعاطف على الدفء قادرة؟
.
أين يكمن السر وماهو مفتاح اللغز؟
فالأمر لا يتعلق هنا فقط بشعور من الرضا يجعل الإنسان يرضى بحال ما فيلقى الله عليه من رضاه.. إنما هو شيء ما داخل النفس كامن بها لم تحاول النفس أن تتحلى به ولكن قد من الله عليها
ووجدت حواء اشبه ما تكون بشربة الماء هذه والمعطف
من بين الافكار التي تطورت مؤخراً في عقلي أو لعلها مسها بعض النضج هي النظرة لتقييم الأنثى والرجل على حد سواء ولكن كل بما يناسب تكوين روحه
.
وبحثت حولي كثيراً في كل حواء النساء حولي.. أين تكمن جوهرة قلبها.. ما هي ذلك الشيء الذي يجعلها لا تقدر بثمن ولا يمكن وصفها ووجدته تمثل لي في.. الدفء.
فاذا وجد الدفء في الأنثى فاض بداخلها كل شيء.. وثقل ميزان الأنثى ليطيش بجانبه أي شيء
.
والأعجب في دفء حواء أنها لو تحمله بداخلها فإنك تراه وتمسه في جميع أعمارها صغرت أو كبرت وعلاقاتها.. بعدت أو قربت
تجده في طفلة تحمل بداخلها دفء يشع من أعينها فيرتمي الأب في حضن ابنته ويضمها فتربت بأنامل ضئيلة كجناحات الفراشات تبثه دفئاً وحنانا
.
وفي شابة لو تواجدت مع عجوز أخدت بأيديها تحنو عليها وإذا رأت مريضا كانت له مصدر بهجة وأمل.. وإذا كانت مع صديقاتها كانت هي الدعم ونقطة الاتزان لهن.. فأينما تخطو تشيع دفئاً كالدفء الذي يبعثه رؤية الشمس في الأفق
.
وفي زوجة هي لزوجها.. وطن
.
وفي أم ينبع الدفء في كل شيء تصنعه بأيديها من أجل أطفالها وبيتها.. وكأنه يندس في كل ما تلمسه يداها وحولها
.
إذا كان في حواء دفء فلن يخطيء قلبك ابداً عن استشعاره في كل خلجاتها
..
السيدة خديجة جاءها النبي صلي الله عليه وسلم يرجف فؤاده ويقول لها: زملوني زملوني.. فكانت له فيضان دفء وسند حتى ذهب عنه الروع
وتوفى النبي بين صدر ونحر السيدة عائشة بعد أن لينت له السواك بريقها.. فكان أخر ما دخل جوفه صلى الله عليه وسلم.. إنه الدفء
.
الدفء هو جوهرة حواء التي يبحث عنها آدم
يا رجل.. ابحث عن الدفء في حواء فإن القلب الذي سكنه الدفء إنما هو انعكاس لنور الدين والحياء والإيمان فيه
وإن الجسد الذي يشع منه الدفء إنما مسته نفحات من الجمال والإشراق كامنة فيه
أنت تحتاج لحواء دافئة لتذيب ثلج حياتك الشاقة
فإن حواء دون دفء كقطعة حلوى نزعوا منها السكر.. وكشربة ماء ساخنة في نهار ظاميء
..
وأنت أيتها الزهرة الدافئة لا تسمحي للحياة القاسية أن تصبغك بمذاق عملي قاسي ينزع من بين جناباتك الدفء فهو أروع ما فيكي
لا تتعمدي أن تظهري بشخصية حادة قوية تواجهين بها قسوة الأشياء حولك، فقط اجعليها رداء مؤقت جدا تواجهين به الأشياء ثم انزعيه عنك في لحظتها.. لا تنسيه عليك فيصبح جزءاً منك ..فتتركي الايام تسلبك الاستمتاع بنثر دفئك بين الناس
قفى كل ليلة لحظات تأملي فيها الدفء الذي تبعثه تلك السحب البيضاء الحنونة في السماء الحالكة.. تعانق أشعة شمس الصباح لتأخدنا مثلك من دفء ليل إلى إشراقة صباح
[/right]
الخميس 13 مايو 2010 - 1:12 من طرف بنت المنصورة