خطبة الرسول (صلى الله عليه وسلم ) في حجة الوداع
الحمد لله نحمده ونستعينه ، ونستغفره ونتوب إليه، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، ومن سيئات أعمالنا، من يهد الله فلا مضلّ له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلاّ الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمداً عبده ورسوله.
أوصيكم عباد الله بتقوى الله وأحثّكم على العمل بطاعته، واستفتح الله بالذي هو خير، أما بعد.
أيها الناس، اسمعوا منّي ما أبيّن لكم، فإني لا أدري لعلّي لا ألقاكم بعد عامي هذا في موقفي هذا.
أيهّا الناس، إن دماءكم وأعراضكم عليكم حرام إلى أن تلقوا ربّكم، كحرمة يومكم هذا في بلدكم هذا. ألا هل بلغت؟ اللّهم اشهد.
فمن كانت عنده أمانة فليؤدّها إلى من ائتمنه عليها، وإنّ ربا الجاهلية موضوع وإنّ أول رباً أبدأ به ربا العباس بن عبد المطلب، وإنّ دماء الجاهلية موضوعة وإنّ أول دم أبدأ به دم عامر بن ربيعة بن الحارث بن عبد المطلب وإنّ مآثر الجاهلية موضوعة غير السدانة والسقاية، والعمد قود وشبه العمد ما قتل بالعصا والحجر وفيه مائة بعير، فمن ازداد فهو من الجاهلية.
أيها الناس، إنّ الشيطان قد يئس أن يعبد بأرضكم هذه، ولكنه قد رضي بأن يطاع فيما تحتقرون من أعمالكم .
أيّها الناس، { إنّما النسيء زيادة في الكفر يضل به الذين كفروا يحلّونه عاماً ويحرّمونه عاماً ليواطئوا عدّة ما حرم الله }، وإنّ الزمان قد استدار كهيئة يوم خلق السماوات والأرض و{إنّ عدة الشهور عند الله اثنا عشر شهراً في كتاب الله يوم خلق السماوات والأرض منها أربعة حرم} ثلاثة متوالية، وواحد فرد، ذو القعدة، وذو الحجة، والمحرم، ورجب بين جمادى وشعبان، ألا هل بلّغت؟ اللهم اشهد.
أيهّا الناس، إنّ لنسائكم عليكم حقّاً ولكم عليهنَّ حقّاً، حقّكم عليهنّ أن لا يوطئن أحداً فرشكم، ولا يدخلن أحداً تكرهونه بيوتكم إلاّ بإذنكم وألاّ يأتين بفاحشة، فإن فعلن فإنّ الله قد أذن لكم أن تعضلوهنّ وتهجروهنّ في المضاجع ضرباً غير مبرح فإذا انتهين وأطعنكم فعليكم رزقهنّ وكسوتهنّ بالمعروف، أخذتموهنّ بأمانة الله واستحللتم فروجهنّ بكتاب الله، فاتقوا الله في النساء واستوصوا بهنّ خيراً.
أيها الناس { إنّما المؤمنون إخوة } ولا يحل لمؤمن مال أخيه إلاّ عن طيب نفس منه .ألا هل بلّغت؟اللّهم اشهد، فلا ترجعنّ كفّاراً يضرب بعضكم رقاب بعض فإنّي قد تركت فيكم ما إن أخذتم به لن تضلّوا:كتاب الله وعترتي أهل بيتي. ألا هل بلّغت؟اللّهم اشهد.
أيها الناس، إنّ ربّكم واحد وإنّ أباكم واحد، كلّكم لآدم وآدم من تراب{إنّ أكرمكم عند الله أتقاكم} وليس لعربيّ على أعجمي فضل إلاّ بالتقوى. ألا هل بلّغت؟ قالوا: نعم، قال:فليبلّغ الشاهد الغائب.
أيها الناس، إنّ الله قسّم لكلّ وارث نصيبه من الميراث، ولا يجوز لوارث وصية في أكثر من الثلث، والولد للفراش وللعاهر الحجر، من ادّعى إلى غير أبيه،ومن تولّى غير مواليه،فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين ولا يقبل الله منه صرفاً ولا عدلاً والسلام عليكم ورحمة الله.
(والحمد لله رب العالمين)