وهذه وصية أم لابنتها عند الزواج:
قالت الأم لابنتها: أي بنية إن الوصية لو تركت لفضل أدب لتركت ذلك لك،
ولكنها تذكرة للغافلة، ومعونة للعاقلة.
أي بنية: لو أن امرأة استغنت عن الزوج، لغنى أبويها وشدة حاجتهما إليها،
لكنت أغنى الناس عنه، ولكن النساء للرجال خلقن، ولهن خلق الرجال، فخذي
وصيتي فإن فيها تنبيها للغافل ومعونة للعاقل.
أي بنية: إنك فارقت الجو الذي منه خرجت، وخلفت العيش الذي فيه درجت،
إلى وكر لم تعرفيه، وقرين لم تألفيه، فأصبح بملكه عليك رقيبا ومليكا، فكوني له
أمة يكن لك عبدا. واحفظي له خصالا عشرا تكن لك ذخرا...
أما الأولى والثانية:
فالخضوع له بالقناعة، وحسن السمع له والطاعة...
وأما الثالثة والرابعة:
فالتفقد لمواضع عينه وأنفه، فلا تقع عينه منك على قبيح، ولا يشم منك إلا طيب ريح.
وأما الخامسة والسادسة:
فالتفقد لوقت منامه وطعامه. فإن تواتر الجوع ملهبة، وتنغيص النوم مغضبة.
وأما السابعة والثامنة: فالاحتراس لماله والإرعاء على حشمه وعياله، وملاك الأمر في المال حسن
التدبير وفي العيال حسن التقدير.
وأما التاسعة والعاشرة:
فلا تعصي له أمرا، ولا تفشي له سرا.. فإنك إن خالفت أمره أوغرت صدره،
وإن أفشيت سره لم تأمني غدره.
ثم إياك والفرح بين يديه إن كان مغتما، والكآبة بين يديه إن كان فرحا.