ما عادت بعض الأخبار المستهجنة , الغريبة عن مجتمعنا وأخلاقنا تثير دهشتنا أو حتى تحرك مشاعرنا , قد لا نستغرب أبدا في يوم من الأيام إذا سمعنا خبرا تتناقله وسائل الإعلام , بأن طفلا في العاشرة من عمره جن جنونه فأنقض على شقيقته الكبرى طعنا بالسكين فأرداها قتيلة .. حين تجرأت واشترت له عبوة حليب سائل بنكهة الفراولة التي يكره طعمها , عوضا عن نكهة الشوكلاتة التي يعشقها .
أي غباء يمارسه البعض منا وفي أي غابة موحشة أصبحنا نحن نعيش ؟؟ .. هل أصبح دم النساء مباحا لكل عابر سبيل وبأي حجة تخطرعلى بال القاتل فيبرر ذاته أمام الناس والقضاء ؟ أم لعل هناك وفرة في عدد الإناث على حساب عدد الذكور ويسعى البعض للتخلص من الفائض .. خدمة للوطن لنحصل على التوازن المطلوب بين الجنسين ؟؟ . في يوم المرأة العالمي الذي لا يعرف الكثيرون منا عنه أي شيء , ولا تستفيد منه النساء عندنا من قريب أو بعيد .. بأي شكل .
تم استفزاز المشاعر الأنثوية ببث خبر كان صدمة للرجال قبل النساء .. خبر مفاده أن المحكمة قررت وضع متهم في الأشغال المؤقتة 10 أعوام بعد تخفيض العقوبة من 15 عاما لإسقاط الحق الشخصي . شقيقه هذا الشاب التي درست المحاماة لمدة أربعة سنوات على مرأى من الجميع .. استفزت مشاعر شقيقها حين ذهبت لتسجيل اسمها في نقابة المحامين .. فما كان منه إلا وأن غافلها وهي نائمة تحلم بتحقيق أملها بالدفاع عن المظلومين .. بعدة طعنات عمياء , ظالمة ليتم تسجيلها لاحقا في عداد الموتى .
القضاء أدرى بحيثيات القضية ليصدر الحكم المناسب , ولكن أليست هذه جريمة قتل تم التخطيط لها وبعذر أقبح من ذنب ؟! و لماذا يتم قبول التنازل عما يسمى بالحق الشخصي , ونتجاهل حق الضحية الشخصي بالبقاء على قيد الحياة ؟؟ .
المضحك المبكي في القضية أن وكيل الدفاع عن المتهم سيطعن بالحكم أمام محكمة التمييز , فهو غير مقتنع بالعشر سنوات كعقاب ولن يرضيه ربما إلا البراءة الكاملة لموكله .
حين تقتل المرأة ويتم تصفيتها جسديا تنتهي معاناتها على هذه الأرض , لكن حين تتعرض المرأة للاعتداء الجنسي يتم تدميرها جسديا ونفسيا وتبقى على قيد الحياة لتعيش يوما بعد يوم تفاصيل مأساتها المؤلمة التي حلت عليها . فجريمة الاغتصاب أشد وأقسى على الضحية من جريمة القتل وقد ينتج عنها ضحايا جدد آخرين .. هم الأطفال الغير شرعيين . هذه الجريمة المقززة التي من المتوقع زيادة عددها مستقبلا كنتيجة طبيعية لهذا التخبط الحضاري والفلتان الأخلاقي الذي نعاصره , خاصة بعد أن تم الإعلان عن توجه لاستبدال عقوبة الإعدام في جرائم الاغتصاب بالأشغال الشاقة المؤبدة , ضمن تعديلات لقانون العقوبات لسنة 2010 .
كم كنا نتمنى لو كان هناك عقوبة أشد من الإعدام لهذه الجريمة بالذات لكنا طالبنا بها , لردع كل من يفكر مجرد تفكير باقتراف هذه الجريمة البشعة بحق الإنسانية . ولكن ماذا نمتلك سوى أن ننتظر كالعادة حتى تتفاقم المشكلة وتكبر وتكبر حتى تصل إلى مستوى الظاهرة .. حينها سنكتب مقالات جديدة نتحسر فيها على الضحايا اللواتي لا ذنب لهن . هي مجرد هموم قاتلة تعاني منها بعض النساء فيك يا وطني .. والحل بسيط نتركه بين يدي أصحاب القرار .. ونطالب إذا كان لنا حق المطالبة بعدم التراخي و تشديد العقوبات على القتلة والمعتدين عوضا عن تخفيفها .
كل ما نحلم به ونبتغيه هو وطن آمن نحتمي بأحضانه كأم حنون , لا غابة باردة مترامية الأطراف موحشة , الغلبة فيها ستصبح .. للعابث القوي.
رفقاً بالقوارير" يا إعلامنا الإسلامي...!!